كيف يمكن لقطاع تكنولوجيا المعلومات المساهمة في امتصاص أثر الرسوم الجمركية على الصادرات
كيف يمكن لقطاع تكنولوجيا المعلومات المساهمة في امتصاص أثر الرسوم الجمركية على الصادرات
للتذكير: انا مش مختص مالي وكل اللي وصلت اله من معلومات هي بجهد وبحث شخصي، هدفه فقط تسهيل الفهم للجميع.
ليش عم نكتب اليوم؟
في ظل كل اللي بنشوفه من تطورات وتغييرات في النظام الاقتصادي العالمي مع فرض الولايات المتحدة الأمريكية رسوم جمركية على صادرات غالبية دول العالم، صار واضح للعيان التحدي الذي يواجهه الاقتصاد الأردني. فقد تم فرض رسوم جمركية بنسبة ٢٠٪ على الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتبر الشريك التجاري الأكبر للمملكة.
المصادر بتحكي انه مجموع صادرات الاردن للولايات المتحدة تقريباً ٢٣٪ من إجمالي صادراتنا. وإذا بنيجي نتطلع بنشوف انه الأردن بصدّر:
- ملابـس
- فوسفـات
- بوتاس
- مواد زراعية
- وأدوية
بما انه ربع صادراتنا رايحة للولايات المتحدة الأمريكية معناها أي تراجع بنسبة الصادرات بينعكس سلباً على تدفق العملات الأجنبية (الدولار)، وبالتالي رح يأثر على قدرة البنك المركزي على الحفاظ على استقرار العملة المحلية وسعر الصرف أمام الدولار. ما بدنا نعقد الأمور من البداية، قبل اسبوع ما كنت قادر اربط الموضوع، ومعظم المفاهيم كانت مبهمة، وهذا المقال وضيفته يسهل عليك فهم النظام المالي المعقد بشكل ابسط.
طيب وشو رح نستفيد؟
رح نستفيد إنه في فرصة أو بين قوسين (واجب وطني) بيقدر فيها مهندسين البرمجيات والشركات والاستشاريين في مجال تكنولوجيا المعلومات يساهموا في تخفيف العبء والضغط والمساهمة في دعم الاقتصاد الأردني من خلال تصدير خدماتنا وفوترتها بالدولار.
الرسالة بسيطة: كل سطر برمجي بنكتبه، كل منتج رقمي بنصدره، ممكن يكون جزء من معادلة الاستقرار الاقتصادي (اللي رح نشرحها بالتفصيل)
شو يعني ميزان تجاري؟
الميزان التجاري هو معادلة بسيطة جداً بنقدر نلخصها بالفرق بين اللي بتبيعه الدولة للسوق العالمي (الصادرات) وبالعادة بتكون المبيعات بالعملة الصعبة (غالباً دولار) واللي بتشتريه من السوق العالمي (الواردات) بالدولار.
ممكن تتسائل، طيب شو هي الصادرات والواردات على مستوى البلد؟
الصادرات:هي كل اشي بنبيعه كدولة للعالم الخارجي (الربع بروح لأميركا)
- منتجات: الفوسفات، البوتاس، الآلبسة والأدوية
- خدمات: مثل البرمجة، التصميم، الدعم الفني، والاستشارات
هل كل اشي بنشتريه كدولة من الخارج (غالبا بنشتري بالدولار):
- النفط ومشتقاته
- الغذاء (قمح، أرز، سكر …)
- الأجهزة الإلكترونية
- المواد الأولية والمعدات
فالميزان التجاري وهو مؤشر إذا كانت الدولة بتدخل عملة أجنبية (دولار) أكثر من ما بتخرج.
ببساطة:
- إذا كانت صادراتنا أكثر من وارداتنا (معناها احنا بنربح وبنخزن دولار)
- اما اذا كانت وارداتنا أكثر من صادراتنا (معناها عم بنخسر رصيدنا من الدولار)
معناها ميزان تجاري رابح، صادراته أكثر من وارداته يعتبر صمّام الأمان لبلدنا وبساعدنا يكون اقتصادنا قوي ومنيع. بس هل الميزان التجاري الأردني بربح؟
للأسف، الأردن بالمجمل بستورد أكثر ما بصدر، هذا يعني انه في عجز دائم في الميزان التجاري، يعني احنا بندفع دولار للسوق العالمي أكثر من ما بيجينا. يجب التنويه انه ميزاننا التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد رابح ولكن بنسبة ليست كبيرة، ومع التعرفات الجمركية الأخيرة متوقع تنقلب المعادلة.
الآن بيجي السؤال، كيف بنغطي العجز بالميزان التجاري؟
الجواب الشافي اكيد عند اصحاب الاختصاص، ولكن المصادر اللي بنعتمد عليها لسد العجز هي:
- المساعدات الخارجية: وبالعاده بتكون رصيد بالعملة الصعبة محفوظ لدى البنك المركزي. اللي للأسف الولايات المتحدة الأمريكية كانت تساهم بجزء كبير منها، ولكن خلال الفترة الماضية تم ايقاف عدد كبير منها.
- الاستثمارات الأجنبية: وهون بنحكي عن اجمالي الاستثمارات اللي بتصب بشركاتنا الأردنية واللي عادةً ما بتكون بالدولار
- تحويلات المغتربين: وهو بنحكي عن التحويلات اللي بتتم بالدولار من خارج البلد لأحد البنوك الأردنية او شركات الصرافة.
- احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي (الملاذ الأخير)
كيف بشتغل البنك المركزي، وشو علاقته بالمنظومة المالية والميزان التجاري؟
البنك المركزي معروف انه يقوم بدور أساسي بتنظيم القطاع المصرفي والبنوك التجارية وأيضاً مسؤول عن إدارة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية (أهمها الدولار). والدور الأعمق للبنك المركزي هو الحفاظ على الاستقرار المالي وحماية سعر صرف العملة الأردنية، خاصةً أنه قيمتها مرتبطة بالدولار.
في سؤال دايما كان محيرني؟ شو علاقة البنك المركزي بالميزان التجاري، وكيف القطاع الخاص مرتبط بهاي المعادلة؟ المشتريات اليومية للأفراد والشركات كيف بتترجم؟
بكل بساطة، كل معاملة مالية بين الأردن والعالم الخارجي اللي بتتم من خلال البطاقات المصرفية أو التحويلات البنكية سواء كانت:
- شركة بتستورد بضاعتها من الصين
- مواطن بشتري آيفون من أمازون بالدولار
- وكيل بستورد سيارات من أميركا
- شركة بتدفع فواتير أنظمة حاسوبية (SaaS) بالدولار
كل هاي الحركات بتمر بشكل غير مباشر عبر البنوك التجارية المحلية، واللي بدورها بتعتمد على البنك المركزي لتوفير العملة الأجنبية المطلوبة لتسوية الحركة. فعلياً اذا حسابك بالبنك عملته دينار أردني، وطلبت شغلة اونلاين وكانت قيمة الطلب بالدولار، بهاي الحالة البنك تبعك يا اما بكون عنده مخزون دولار، بهاي الحاله ببيعك دولار مقابل الدينار وبتمم العملية أو البنك بيطلب من البنك المركزي دولارات مقابل العملية ليتم تسويتها. هيك المفروض نقدر نربط انه الواردات بالميزان التجاري مصدرها أي عملية شراء بالدولار تمت عبر أحد البنوك الأردنية سواء كان مصدرها (حكومة، شركات أو أفراد).
شو يعني ربط الدينار بالدولار؟
هاي المعلومة اغلبنا بعرفها بس صعب نفهم أهميتها. الأردن بيعتمد سياسة ربط الدينار بالدولار الأمريكي على سعر ثابت من عشرات السنين (0.709 دينار لكل دولار). هذا الربط بوفر:
- استقرار العملة المحلية، سعر صرفها وثقة الناس فيها
- استقرار في الأسعار المحلية للمنتجات والخدمات
- بيئة مشجعة للاستثمار الخارجي
بس لحتى نحافظ على هذا الربط، واجب البنك المركزي انه يحتفظ بكمية كافية من الدولار ويكون مستعد لتحويل الدينار الى دولار عند الطلب. وهون صندوق النقد الدولي بيكون اله دور رقابي لدعم الربط، حيث انه بيشترط وجود احتياطي للعملات الأجنبية كافي لتغطية وارداتنا لمدة ٣ شهور على الأقل.
طيب شو وضعنا احنا اليوم؟
يعتبر احتياطي العملات الأجنبية بالبنك المركزي (FX Reserve) قوي جداً. حسب تقرير Jordan Times اللي تم نشره بتاريخ ٢٠٢٥/٠٤/٠٩ بلغ احتياطي العملات الأجنبية بالبنك المركزي الأردني مع نهاية شهر آذار لعام ٢٠٢٥، 22.02 مليار دولار وهذا المبلغ كافي لتغطية وارداتنا لمدة ٨ أشهر ونصف تقريباً. طبعاً ما ننسى الذهب اللي بشكل جزء من الإحتياطي واللي بأي وقت ممكن نبيعه ونحصل مكانه دولار. هذا بيبعث فينا مصدر أمان وبيخلينا نقدر الجهود المبذولة من البنك المركزي الأردني في تأمين احتياطي آمن من العملات الأجنبية.
بلغة الميزان التجاري، يعتبر احتياطي العملات الأجنبية بالبنك المركزي خط الدفاع الأخير لضمان استقرار الميزان التجاري. معناها، اذا انخفضت الصادرات أو انخفضت تحويلات الأردنيين من الخارج أو قلت المساعدات الخارجية وبقيت وارداتنا كما هي، بهاي الحالة يبدأ البنك المركزي باستهلاك الإحتياطي لتغطية العجز التجاري - (طبعاً الموضوع معقد أكثر من هيك)

صدمة الرسوم الجمركية
بداية الشهر الحالي (نيسان ٢٠٢٥) أعلنت الإدارة الأميركية عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على مجموعة من السلع المستوردة من عدة دول، من ضمنها الأردن بنسبة ٢٠٪.
شو يعني هاي الرسوم؟
زي ما حكينا من قبل، تاريخياً الولايات المتحدة كانت أكبر سوق لصادرات الأردن
فرض رسوم بنسبة 20% يعني أنه المنتجات الأردنية أصبحت أغلى للمستهلك الأميركي، مقارنة بمنتجات من دول أخرى لا تشملها هذه الرسوم. وهذا ممكن يترتب عليه:
- انخفاض الطلب على الصادرات الأردنية
- خسارة تنافسية في السوق الأميركي
- تراجع الإيرادات بالعملة الأجنبية
حتى لو قررت الشركات الأردنية تقليل نسبة ربحيتها من منتجاتها وتخفيض سعرها، قيمة الإيرادات بالدولار رح تقل، وبالتالي رح يأثر على نسبة عجز الميزان التجاري.
دور قطاع تكنولوجيا المعلومات والخدمات بتقليل نسبة العجز التجاري
في بلد زي بلدنا الأردن الحبيب، مواردنا الطبيعية شحيحة، وتكلفة الإنتاج مش الأرخص، ما عنا نفط، ان شاء الله مشاريع آبار الغاز الطبيعي تمتد وتكبر، ولكن النقطة انه تصدير الخدمات الرقمية غير مكلف ابداً مقارنة بالمنتجات والبضائع اللي محتاجه توصيل وتأمين وشحن وجمارك، وغيرها. التكاليف للخدمات الرقمية تكاد تكون أقرب للصفر، وقوانين التعرفة الجمركية الجديدة لا تنطبق عليها!
كل مرة يقوم فيها مهندس أو شركة برمجيات أردنية بتنفيذ مشروع لجهة خارجية، هذا يُعتبر تصدير لخدمة. وعندما يتم الدفع مقابل هذه الخدمة بالدولار أو اليورو، فإن هذا المبلغ يُعتبر إيرادًا من التصدير يدخل البلد كعملة صعبة وبالتالي يساهم في زيادة الإحتياطي من العملات الأجنبية وسد جزء من العجز في الميزان التجاري.
والأمثلة على الخدمات كثير:
- برمجيات: تطوير تطبيقات، مواقع، حلول SaaS
- تصميم: واجهات المستخدم، العلامات التجارية، الرسوميات
- تسويق رقمي: إدارة إعلانات، SEO، محتوى
- استشارات: استشارات تقنية، تشغيلية، أو استراتيجية
كل فاتورة بالدولار صادرة من هاي الخدمات = دخل حقيقي من العملة الأجنبية
وكل هاي الخدمات ما بتحتاج بنية تحتية معقدة، وغير مقيدة بأي رسوم جمركية ويمكن تنميتها بسرعة، هاذ غير انه ممكن توفر فرص عمل وتساهم في تقليل نسبة البطالة. ما ننسى كمان الأيدي العاملة الماهرة في قطاع تكنولوجيا الحاسوب والمعلومات، عدد كبير جداً من شبابنا وشاباتنا يجيدوا اللغة الإنجليزية بطلاقة وقادرين انهم يتواصلوا ويبنوا علاقات مع عملاء في الخارج بكل سهولة. ما ننسى كمان موقعنا الجغرافي، وطبيعة أجوائنا، وقربنا من دول الخليج وأوروبا مسافةً ووقتاً.
شو بتوفرلي الأردن بقطاع تكنولوجيا المعلومات؟
البلد بتوفرلنا كثير. حسب قانون ضريبة الدخل والمبيعات الأردني، يوفر القانون إعفاء أرباح صادرات السلع والخدمات لقطاع تكنولوجيا المعلومات من ضريبة الدخل.
هذا الإعفاء بالتحديد نادراً ما تلاقيه في أغلب الدول المصدرة لخدمات تكنولوجيا الحاسوب والمعلومات.
شو ممكن نعمل؟
كأصحاب شركات تقنية، كمبرمجين، كمهندسين، كل مشروع بتنجزوه وكل فاتوره بتصدرها (بالدولار طبعاً) ممكن يكون الها أثر مباشر على الاقتصاد الوطني. كلنا ممكن نكون جزء من الحل.
لكل حدا: فاتورتك بالدولار، وسوقك هو العالم
إذا كنت بتشتغل كفرد مستقل، شركة ناشئة، أو حتى موظف بيقدم خدمات خارجية حاول قدر الإمكان انه:
- تستهدف عملاء من خارج الأردن
- تُسعّر خدماتك بالدولار أو اليورو
- تُصدر فواتير رسمية وتُحصّل الايراد عبر القنوات البنكية
- فكّر في بناء منتج SaaS يمكن استخدامه من أي مكان في العالم
- ركّز على مشكلات عالمية، أو على تخصصات نادرة، أو على أنظمة يمكن تسويقها خارجياً
كل دولار يدخل عن طريق خدماتك، هو دعم مباشر للاحتياطي الأجنبي. كل اشتراك شهري من عميل أجنبي هو تصدير خدمة مستدامة.
طبعاً الحكي سهل، ولكن بنقدر. الموضوع ببلش من عندي وعندك، من اختياراتك من تسعيرك، من سوقك المستهدف، واكيد من قنوات التحويل النقدي اللي بتستعملها.
دمتم بخير